مناقب صاحب الراتب
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه الإعانة بداء وختماً وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ذاتاً ووصفاً واسما ، ما تحلت صدور سطور الأوراق بعهود جوهرية ، بأبدع من قلائد فرائد الحمد لله . وما تحلت نحور حور الألفاظ بسلوك درية ، بأبرع من زواهر جواهر بواهر شكر الله ، أحمده حمداً أجتبي به غروس آمال أظل بها أُظل تحت ظل رياضها الأريضية الندية ، لا أرى فيها شمس ولا زمهريرا ، متكئاً على الأرائك أسنى العيش وأهناه ، وأشكره شكراً أجتلي به عروس نوال تجلي على منصات التفضلات الربانية ، مقلد جيدها بقلائد منن ـ ولئن شكرتم لأزيدنكم ـ من جزيل الفضل وأسناه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله تنزه في ذاته وصفاته الأحدية ، عن الأشباه والنظائر بلا ريب ولا اشتباه شهادة نجمت نجومها في سماء الإخلاص ورجمت رجومها كل رجيم بسواطع قواطع شهبها النورانية ، وأشرقت شوارقها في مشارق القلوب فاستنارت بنورها ظلم الشك ودجاه ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله نور حدقة الوجود ونور حديقته الزاهية ، وأصل درجة السعادة ، المتفرع منها فروع كل شرف طاب عوده وشذاه ، صلى الله عليه وعلى آله سفن النجاة التي يأمن بها المرّوع من غرق تيار طمطام كل مدلهمة ورزية ، المتوجه مفارقهم بدرر تيجان آية ] إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ [ وآية ] قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا [ ، إظهاراً لشأنهم وعلاه ، وأصحابه نجوم الهدى المستنيرة بهم ظلم الضلال الغيهبية ، واليانعة بهم من روض الدين قطوف أقصانه فطاب لمن جناه وجناه ، وما تزينت سماء المحافل من مناقب السادة الأولياء الكمل بكواكبها الدرية ، سيما المولى العارف ختم المعارف مولانا السيد محمد عثمان الميرغني ، نفعنا الله به ، ورضي الله عنه وأرضاه
وأمدنا الله بإمداداته السنية ** ونفع كل منا في دينه ودنياه
محمد عثمان بن السيد محمد أبي بكر بن عبد الله المحجوب بدر الأولياء وقطب دائرتهم الفلكية ، ابن إبراهيم بن حسن بن محمد الأمين على ما أودعه الله تعالى من الأسرار وحياه ، ابن علي مرغني ومنه لقب بذلك من بعده من البنين والذرية ، ابن الحسين بن مير خورد بن حيدر بن حسن الذي بلغ مناه بن عبد الله بن علي بن حسن ابن مير خورد بن حسن بن أحمد بن علي ذي الصفات السنية ، بن إبراهيم بن يحي بن عيسى بن أبي بكر بن علي بن محمد ملجأ القاصد ومنجاه ، بن إسماعيل بن مير خورد البخاري بن عمر بن علي بن عثمان بن علي التقي بن الحسن الخالص من المشوبات النفسية ، ابن علي الهادي بن محمد الجواد ، الذي فاض جوده وعطاه ، ابن علي الرضى بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر زين العابدين بدر أفق السعادة السرمدية ، ابن سيدنا الحسين بن سيدنا علي بن أبي طالب وابن السيدة فاطمة البتول بنت سيدنا رسول الله r .
نسب تسامى رفعة وفخارا
نسب أضاء الكون من أنواره
نسب تنظم عقده من سودد
نسب بخير الخلق أشرف مرسل
نسب له جبريل حاز تشرفا
وعلا على أوج العلا مقدارا
وسمت ببهجة حسنه الأقمار
وزها جمانا سمطه ونضارا
كل الدنا قد أشرقت أنوارا
إذا صار يخدم شأوه المعطارا
أمدنا الله بإمداداته السنية
ونفع كل منا به في دينه ودنياه
ولد رضي الله عنه بأرض الطائف في قرية السلامة إشارة لسلامته عن كل دنية ، في شهر ربيع الخير بعد الألف ومائتين وثمانية من هجرة حبيب الله ومصطفاه وماتت أمه في سابع ولادته أو قريباً من ذلك وتربى في حجر السعادة الأزلية وكان ترضعه أمه قبل موتها مع غيره فإذا أعطته ثدي صاحبه يمتنع عنه رحمة له ويأباه ، حفظ القرآن قبل المراهقة وحضر العلوم فانبجست له عيون المعرفة من صخور معانيها الخفية ، وكرع من زلال معانيها العذب فارتوى بما رواه ، ثم بعد البلوغ اشتغل بالطريق فسطعت عليه سواطع أنوار التجليات الإلهية ، وانفرد بالخلوة والانقطاع بالوصول لمولاه ، أخذ الطريق عن شيخه العارف القطب سيدنا أحمد بن إدريس نفعنا الله به وأمدنا بإمداداته السنية .
وقد أمره المصطفي صلى الله عليه وسلم . ثلاث مرات أن يمده ويرشده وهو يقول صغير ففي الثالثة قال أمده ويدي ويدك في إناه ، وكان يقول من باب التحدث بالنعم والتشكر لمولاه بما أولاه من المزية ، لو قلنا بما أعطينا لخفنا الافتتان مما يجهل حالنا ويخفاه ، وكان نفعنا الله به بارعاً في العلوم الظاهرة والباطنة له مؤلفات كثيرة أودعت غرائب الأحكام الحكمية تتفجر منها ينابيع فيوضات الفتوحات ويستنير بها ديجور الجهل دجاه ، وقد اشتهرت طريقته في جميع أرض السودان والأرياف والأقطار الحبشية ، وانتشرت نفعها في الناس وتداولها كبار العلماء والصلحاء التقاة ، وكان إذا خطر بباله تأليف أبرزه في أقل مدة كصفائح ذهبية ، ترصعت بجواهر عيقان فاق حسنه وبهاه ، وكثيراً ما ينشد قصائد نبوية ويقول هذا الخليل عليه السلام مثلي يتواجد لأحوال غيبية ، وجمعت له في ذلك دواوين يفوح زهر روضها ورياه ، فسر القرآن بتفسير كبير ، وألف في الحديث كتاباً اختصره من جامع الأصول جمع فيه أنواع العبادات الدينية ، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسميه ]رحمة الأحد في اقتفاء أثر الرسول الصمد[ ، فسماه ، ونظم عقيدة التوحيد بنظام كعقود درية ، وشرح مشكاة الأنوار لجده عبد الله وله كتاب في الوعظ ، وشرح ألفية بن مالك في خمسة عشر يوماً بشرح كشف عن مخدرات معانيها البهية ، وشرح الآجرومية وزاد عليه بما تبتهج النفوس بمرآه ، وأما تأليفه في علم التصوف فروض لا يمل النظر من التنزه في محاسنه الزاهية ، وقد أنبع الله على لسانه ينابيع الحكمة والأسرار فيتكلم بغير تأمل فسبحان من حياه ، فمنها الكتاب ]المسمى بالخزانة القدسية[ . أتى فيه بالعجب العجاب فما سمع أحد بمثله ولا رآه ، وله حكم تجاري حكم ابن عطاء الله سماها الفيوضات الإلهية ، شرحها بنفسه مستدلا بالأحاديث فكشف به عن غوامض الأسرار ما دق خفاه ، وله جملة من رسائل في هذا المنوال ، ]كالفتح المبروك والهبات المقتبسة السنية[ ، وغير ذلك مما تحل جيد الدهر بحلاه ، وله النظم المسمى بالبراق في المدائح النبوية ، فما قرئ في محل إلا ويشاهد فيه روحانيته صلى الله عليه وسلم وروحانية النبيين والصديقين بالخصوصية وبشره صلى الله عليه وسلم بحضوره عند قراءته ، ومن واظب على قراءته ولو بيتاً واحداً : ينشده بين يديه في الجنة ، وتحسن له عقباه ، وله المولد الذي يحضر عند قراءته المصطفى r وتستجاب عند ختمه الدعوات الخيرية ، وهو شهير غني عن وصفه وذكراه ، وغير ذلك من الصلوات والتوسلات والمناجاة والكلمات الحكمية . ومن بعض أقوله المنظومة رضي الله عنه وأرضاه :
عليك بتقوى الله إن رمت أن تكن
فمن لازم التقوى ير السر كله
من الأولياء أهل المعارف والسنا
ومن حاد عنها فهو في الويل والعنا
وقال أيضاً :
مهما ذكرتك أبقى منك في قلق
وإن يمر على فكري جمالك لا
أنت الطعام وأنت الري يا سندي
وأنت سر فؤادي أي وأنت لنا
جد لي بوصلك يا روح الكيان وقل
يا غاية القصد يا سمعي ويا بصري
يلذ لي غيره في سائر العمري
وأنت روحي وجميعي مطمح النظري
نسكي وحجي وكذا والله معتمري
خذ المرام أيا عثمان من بحري
أمدنا الله بإمداداته السنية
ونفع كل منا به في دينه ودنياه
وأما كرامته نفعنا الله به فتكل عنها الألسنة والأقلام وبطون الأرقام العددية ، فيكفي من بحر فيضها قطرة يروي بها أوام السامع وينشر من عليها نشر طيبها وشذاه ، منها أنه لما قدم جزيرة سنار في قرية مملكتهم هرعت إليه الناس من الأكابر والأصاغر لما رأوا من كراماته وتصرفاته الجلية ، وتلقى عنه العلماء الأعلام والفضلاء الثقاة ، وكان في تلك القرية رجل بارع في جميع العلوم انتهت إليه الرياسة في الأقطار السنارية ، فحسد الشيخ على ما حصل له وأراد أن يسأله بسؤالات يفضحه بها فعند قدومه إليه أنشب المنون مخلبه فيه وأرداه ، ومنها أن أهل كردفان لما أقبلوا على الشيخ بجملتهم ووجهوا وجوههم إليه بالكلية خاف الملك على ملكه منه ، ومنع الناس عنه فلم يستطيعوا فحبس أعيان أتباعه واتبع هواه ، فتكدر الشيخ من ذلك وقال إني رأيت العرب وكل ولي غاروا على هذا الظالم الفاجر بكل مصيبة وبلية فخرج مسرعاً من البلد فبعد ثلاثة أشهر سلط عليه الدولة المصرية فأهلكته وأخذت بلاده وأمواله وكل من سعى في ذلك ووشاه ، ومنها أن في براري تلك البلاد أتاه رجل عظيم من أبناء الأولياء الكمّل ومعه ما يبلغ المائتين من جماعته فأناخوا بباب الشيخ بصدق نية ، وطلب السلوك فتوجه إليه الشيخ وأرشده ، وأدرك في المدة القليلة ما لا يدرك في المدة الكثيرة وصار من الكمّل السراة ، فأذن له الشيخ وخلفه فعند ذهابهم لم يجدوا ركابهم ، وفي تلك الأرض من اللصوص والقطاع ما تخشاه الأبطال والأسود الضيغمية ، فلما أخبر الشيخ بذلك أشار بيده وإذا بقائل يقول : وجدة الجمال في موضعها فتعجب كل من القوم بما رآه ، ومنها أنه كان مع غافلة عظيمة وفرغ الماء من الغافلة ، واشتد بهم العطش وكانوا في مغارة من فلاة برية ، فاستغاثوا بالشيخ فرفع بصره إلى السماء متضرعاً وأمرهم برفع أمتعتهم من مجاري السيول ، فما أتم دعائه إلا وقد أمطروا ، وسالت السيول فروي كل منهم وملأ إناه ، ومنها أنه مر بأرض كل أهلها كفار يخاف الناس من المرور عليهم لشدة ما يحصل لهم من الأذية ، فأسلم كل من في تلك الأرض والبلاد على يد الشيخ واتبع هداه ، ومنها أنه لما قدم المدينة زائراً أتاه أتباعه وقالوا له : عزمنا على السفر إلى الرحاب المكية ، فقال لهم قال لي جدي : لا بد من إيداع ثلاثة مقابر فما مضى شهر إلا وقد دفن ثلاثة من أولاده في البقيع بقرب سيدنا إبراهيم بن سيدنا رسول الله r ، هذا ولم يجتمع عليه مريد صادق إلا وبعد ثلاثة أيام تشرق عليه أنوار الفيوضات الربانية ، وما مر ببلدة إلا وقد حصل لأهلها من البركة والإمداد ما يعجز عن حصره وإحصاه ، وله ما ينوف عن ألف خليفة كلهم صاروا من أهل المشاهدة الحقية ، وأما غير المفتوح عليهم من الخلفاء فحصرهم لا يرام وفاه ، فلا غرو في ذلك فإنه كان يقول : قال لي رسول الله r : من صحبك ثلاثة أيام لا يموت إلا ولياً ، فيالها من مزية ، وكان يقول : قال لي جدي : من قبل جبهتك فكنما قبل جبهتي ، ومن قبل جبهتي كانت الجنة مأواه ، ومن رآني أو رأي من رآني إلى خمس لم تمسه النار ، قال لي جدي عليه أفضل الصلاة والتسليمات الزكية ، ويقول ما قلت في جل صلاتي : السلام عليك أيها النبي إلا وقال لي : وعليك السلام أيها الابن الطاهر الزكي الأواه ، ولما قدم المدينة المنورة قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : من زارنا في سنتك هذه والتي قبلها والتي بعدها قبلناه وحطت عنه الخطية ، وسمع أيضاً بمنى في قبول الحج ما يقرب من ذلك فالله ما أرفع مقام هذا الغوث وأعلاه ، وقال له بعض مريديه : كيف نبقى بعدك يا سيدي في هذه الدنيا الدنية ؟ فقال ليس العارف من حجبه ذراع من تراب وأشار إلى أن من قصد عند ضريحه تقضي حاجته ، ويستجاب دعواه .
أمدنا الله بإمداداته السنية
ونفع كل منا به في دينه ودنياه
وكان نفعنا الله به صبيح الوجه يتنفس عنه صبح الجمال بأنواره الجلالية مربوع القامة معتدل القد ألبسه الله تعالى حلل الوقار وكساه ، أسمر اللون لحيته أقرب إلى الطول كثيفة ، شعرها كالسلاسل الفضية ، واسع العينين طويل الأنف مع استقامة أقناه . باهر الخدين مع السهولة الحسنة البهية . حلو المنطق كأن منطقه ضرب من ضرب راق وصفه وصفاه . وكان رضي الله عنه حسن الخلق متخلقاً بالأخلاق المحمدية . يمزح حقاً ويخاطب كل بما يليق به ويلاطفه ويرعاه . له لطف تستغرق له البكائم وعرف تستغرق منه طيبه النفحات المسكية . يجلس مع الغني والفقير ويماشي كل على ممشاه . يحب الضعفاء ، ويألف الشرفاء ، ويشيع الجنائز ، ويعود المرضى ، ويعامل كل بحالة مرضية سخي الطبع إذا وكفت أكفه كف وكف الحيا ولزم حياه . شجاعا ً مهيباً لا يهاب الأمراء ولا تهزه مصادمة الكماة الغضفرية . لا تحركه عواصف مطارحة الطغاة . إذا ابتسم كأنما ابتسم عن عقود جمانية . وإذا تكلم كأن النجوم الزهر تنظمت في سمط لفظه ومعناه . كثير الخوف والخشية إذا أخذ في الوعظ يغير لونه واشتدت أحواله الجلالية . طالما أخذ بلحيته بصوت كصوت الثكلى وإذا أرخى الليل سدوله شمر مئزره للصلاة . لا يغفل عن غيبة المشاهدة لحظة زمانية . ليس له هم سوى تلاوة القرآن ، وله اهتمام بشأن هذه الأمة وحسن مرعاة . والحاصل فمناقب هذا الحبر لا يمكن إدراك نزر منها ولا تحيط بها الأفكار الجلية . فحدث عن البحر ولا حرج ومهما أطلت قصرت في مدحه وحلاه .
أمدنا الله بإمداداته السنية
ونفع كل منا به في دينه ودنياه
ولما أراد الله تعالى له بالقدوم إليه في دار النعيم ليتحفه بتحف التفضلات الإحسانية . ويمتعه في دار السلامة بالشهود ويشهده مقامه الرفيع ومرقاه . قبضه إليه يوم الأحد لاثنين وعشرين خلت من شوال عام ثمانية وستين ومائتين وألف من الهجرة النبوية . فحين خروج روحه خرج نور من عند رأسه وخرق السقف شاهده كل من حضره ورآه . توفي بالطائف وصلي عليه في مسجد جده المحجوب ذو الكرامات السنية . ثم نقل إلى مكة وصلى عليه أيضاً تحت باب الكعبة خلق كثير لا يحصرهم إلا الله . ودفن بعد عصر الاثنين بالمعلا في شعبة النور وقبره معروف عليه السواطع النورانية . ويقصد ويتبرك به ويستجاب عنده للسائل دعاه . وقد رؤى بعد وفاته بمراء كثيرة تدل على علو مقاماته العلية . ومنها أنه رؤى ليلة دفنه أنه مستقبل القبلة على فراش مرفوع بحذاء المصطفى t وتجاهه روائح زكية . فقيل له : ما فعل بك ؟ فقال غفر لي وأكرمني وغفر لمن شهد جنازتي ودفني ومشى معها ولكافة أهل طريقتي ومحبتي شرقاً وغرباً ، وذلك فضل الله . ورأى بعض من المدينة أن النبي r وصاحبيه خارجون من المدينة النبوية ، فقال : يا سيدي يا رسول الله إلى أين تذهب ؟ فقال إن السيد محمد عثمان قد توفي وخرجنا للملاقاة . وأيضاً رأى بعض القاطنين بالمدينة أن الحجرة النبوية مفتوحة وصاحبها r مع جمع من الآل والأصحاب أولي الخصوصية ، ومعهم سيدي الشيخ فأرخت تلك الليلة فكانت ليلة الوفاة . ورآه بعض مريديه العارفين في خيمة جليلة وهو على سرر ونعيم ومشاهد جمالية . وهو ينشد قصيدة طويلة منها هذان البيتان البديع لفظهما ومعناه :
وقد هدانا وهداكم لطريق مستقيم
أمدنا الله بإمداداته السنية
وحبانا وحباكم بشهود من كريم
ونفع كل منا به في دينه ودنياه
ورثاه بهذه القصيدة الدرية السيد محمد الميرغني الملقب من والده بسر الختم رفع الله قدره وعلاه .
رزء يفتت الأكباد شامخ الأطواد
ومصيبة لو أنها صبت على
خطب بكت منه السموات العلى
وبليت عظمت على كل الورى
مذ قيل مات الختم قطب زمانه
من قوام النهار وهاجراً
من كان صواماً عن الفحشاء وعن
من كان يتلو الذكر في أحواله
من كان يهدي السالكين لربهم
يدعوا إلى سبيل السلام وكل ما
متسربلا بلباس تقوى يقتفي
أحيا طريق القوم بعد دروسه مازال في نصر الكتاب وسنة المختار
حتى أتاه من الإله يقينه
فأجاب دعوته ولبى مسرعا
فالله يخلفه على أولاده
فالله يعطيه مناه وقصده
يؤتيه في الفردوس أعلى رتبة
صلى عليه مسلما رب العلا
وينيل نسل الختم حسن خلافة
فهو الكريم وليس يحصر فضله
ويؤثر الأحزان في الأكباد
ضوء النهار لعاد لون سواد
والأرض حتى آذنت بنفاد
وأشدها كانت على الأولاد
غوث العباد وغيث كل iiبلاد
في طاعة الرحمن طيب رقاد
قول الخنا في حاضر أو iiباد
متفرق الأوقات في الأوراد
ويدلهم بالرفق في الإرشاد
فيه رضا الباري وكل سداد
في هديه أثار أكرم العباد
وأبان طرق السادة الزهاد
في الإصدار والإيراد
أعاده مولاه لخير مراد
للقا كريم مكرم الوفاد
وعلى محبيه مدى الآباد
مع سيد السادات وسيد العباد
في زمرة المختار أشرف هاد
والآل والأصحاب iiوالأولاد
متوليا لهم بحسن وداد
فأحسن ختام الكل خير جواد
أمدنا الله بإمداداته السنية
ونفع كل منا به في دينه ودنياه
وهنا وقف بنا طرف القلم عن ركض حلية الطرس البيانية ، عجز عن الوصول بميدان الإيضاح إلى منتهاه فلنرفع أكف الضراعة إلى الله تعالى بخلوص النية . سائلا كل منا ما أمله ورجاه . فنقول : اللهم يا من هو المرجو لبلوغ كل رجوى وأمنية . يا من إذا رفع إليه كف فارق نزل ملآنا بما يتمناه يا من إذا سأله سائل سال عليه سائل سيبه بكل عطية ، وجود جوده على الوجود سحبه منهلة بجزيل فضله وعطاه . نسألك بأشرف مرسل رقى في معارج الكمالات القدسية . واخترته حبيبا وصفيا وجعلته إليك أجل وسيلة وأعظم جاه . وبآله وأصحابه مصابيح سماء الوجود ونجومها الشهبية . وبكل ملك ونبي عالم وصفي وبهذا القطب الذي دار به فلك الولاية وسطعت بسواطع الأنوار سماه . أن تنجح لكل من الحاضرين مقاصده الدنيوية والأخروية . وتحسن له عاقبته في دنياه وأخراها . وأن تغسل درن ذنوبنا بذنوب العفو والتفضلات الإحسانية . وتهب سيئنا لمحسننا وتحقق لنا ما منك ظنناه . واختم لنا اللهم بخاتمة السعادة ، وأوردنا مناهل محبتك الهنية ، واسلك بنا طريق الهداية ، ولا تجعلنا ممن أهواه في الضلالة هواه . اللهم وأحفظ هذا البلدة وجميع بلاد الإسلام من كل خفية وأذية . وعم قطرها بقطر غمام تبتسم ثغورها ببكاه . ووفق ولاة الأمر لإتباع سنن العدل وإقامة الشريعة الأحمدية وآمن الرعاة وأصلح الرعية والرعاة . واجر اللهم بحار مكارمك الفيضية ، على من أجرى هذا الخير وأعظم له أجرا ينال منه مناه . اللهم أغفر لنا سبح برود هذه المناقب العثمانية عبدك السيد حسن تاج المدني الكملخي . وأجعل مع المقربين سكناه وولديه وأولاده وإخوانه والعصبية . وقارئها وكاتبها وسامعها وأشياخه وأتباعه وكل من انتمى إليه ووالاه . وصل وسلم على مظهر سر طلسم أسرار التجليات الإلهية ، وآله وأصحابه وكل من نصره واتبع هواه . ما تعقبت المحافل من مناقب الأولياء الكمل بنفحات عبقرية . وفاح من عرف وصفهم الشذى مسك ختامه وطيب رياه .
أمدنا الله بإمداداته السنية
ونفع كل منا به في دينه ودنياه
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصبه وسلم
إلهنا أنت الخبير بحالنا
وألطف بنا فيما قضيت نزوله
متوسلين إلى جنابك سيدي
بمحمد وببنته وببعلها
بالأنبياء والمرسلين جميعهم
وبزينب بنت الرسول المصطفى
برقية ذات المقامات العلا
بخديجة أم الخلائق والملا
بحليمة الدارين وهي سعيدة
وهي الأمان لمن أتى iiمتوسلا
وبسيد الصديق صاحب iiأحمد
ورفيقه لما لطيبة هاجرا
وبحرمة الفاروق حين هديته
وبحق سيدنا علي صهر النبي
وأقام يتلو العلم جهرا راقبا
وبحق ذي النورين عثمان الذي
والتابعين والصحابة كلهم
وبعبدك النعمان ثم بمالك
وبالشافعي نور العلوم iiولينا
بالقادري وبالرفاعي أحمد
بالسيد بالبدوي باب المصطفى
وبقطب أهل الله في التقوى أبي
بالسيد المرسي أبي العباس من
وكذا الدسوقي الذي خصصته
بالسيد المحجوب بحر علومنا
قطب الزمان ومعدن العرفان من
وبحرمة الغوث الكبير ومن رعى
هو شيخنا وملاذنا عثمان iiمن
جمع الولاية للأنام فأثمرت
من قال حقا من رآني أو iiرأى
يحفظ من النيران إكراما له
بالسيد الحسني ثم بجعفر
أستاذنا سر الختم محمد
والجن تخدم نعله iiوحذاءه
بالقطب إبراهيم ثم بهاشم
بوزيرهم الختم عثمان الذي
وبشيخنا وملاذنا
بالطائفي كنز العلوم ولينا
بالأولياء بالصالحين جميعهم
الله ينفعنا بهم وبحبهم
فرج بفضلك يا إلهي كربنا
وبسر سر الختم فهو محمد
وأدم صلاتك والسلام عليهم
فكن غوثا مغيث في الشدائد والردى
نحن العبيد وأنت رب سيدا
في صرف ما نخشاه من مكر العدا
وابنيهما الحسنين أقمار الهدى
وكذا الملائكة الكرام السجدا
ذات المكارم والهدى تفني العدا
فهي الذخيرة في الشدائد في غدا
من زارها نال المنى والسوددا
كم أسعدت ممن أتى مستنجدا
نور الرسالة والمواهب والندى
من أنفق الأموال فيه وساعدا
في الثور يا رب العباد وسيدا
فعلا بإظهار العلوم تعبدا
ساقي رجالات الكفر كاسات الردى
ونصرته وبسيفه هلك العدى
جمع الكتاب وثالث الخلفاء هدى
الآمرين بعلمهم لمن اهتدى
بحر الشريعة عمدة لمن iiاقتدى
بالحنبلي نعم الإمام المرشدا
في الروضة الغراء قد لثم اليدا
ليث الأفاضل والمواهب والندا
الحسن الإمام الشاذلي علم الهدى
نال الكرامة أولا وتفردا
من نور جودك يا إلهي سرمدا
وكذا بتاج الختم فردا مرشدا
السيد بن إدريس ذاك الأحمدا
درس العلوم وكان شمسا مفردا
ختمي قطب للطريقة أيدا
نفحاته وجلت عن القلب الصدا
من قد رآني مؤمنا موحدا
يا رب أمددنا به طول المدا
حاز الكرامة والولاية والهدى
الميرغني علم الهدى جالي الصدا
ويراهم من أم هذا المشهدا
بحر الطريقة غرة من اهتدى
حاز الولاية بعدهم والسوددا
سيدي عثمان قطب مفردا
بالسيد المحجوب قطب مفردا
من جاءنا التبيان عنهم مرشدا
دنيا وأخرى لا يزل مؤيدا
يا خير من مد الأنام له يدا
بحر الشريعة والحقيقة منجدا
أضعاف مخلوق إلى يوم الندا