Admin Admin
عدد المساهمات : 42 تاريخ التسجيل : 07/05/2012
| موضوع: مقتطفات من كتاب الخليفة عبد الله محمد إبراهيم المطالب عن الشريفة مريم: الجمعة مايو 17, 2013 7:58 pm | |
| [color=green] [size=18]مقتطفات من كتاب الخليفة عبد الله محمد إبراهيم المطالب عن الشريفة مريم:
هي الشريفة العفيفة، الطاهرة الطيبة، السيدة مريم الميرغنية ابنة مولانا السيد محمد هاشم بن السيد محمد عثمان الميرغني الختم، مؤسس الطريقة الختمية النورانية رضي الله عن الجميع، يعتلي نسبه الي خير خلق الله سيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، ووالدتها هي أمنا فاطمة أحمد عاولي ، تنتمي الي أعرق بيوتات قبيلة الارتيقا البجاوية القاطنة بمدينة سواكن التاريخية. ولدت الشريفة مريم رضي الله عنها في عام 1287هـ (ألف ومئتين وسبعة وثمانين) من الهجرة النبوية، شبت وترعرعت في رحاب العزّ والشرف، وقرأت القرآن الكريم وعلوم الفقه فى زاوية جدها السيد محمد عثمان الميرغني الختم رضى الله عنه والتي أنشأها خصيصاً لتعليم النساء أمور دينهنّ، وحينما بلغت مبلغ النساء اقترنت بابن عمها مولانا السيد محمد عثمان تاج السر الميرغني رضي الله عنه، الذي وُلد في عام 1266هـ ثم توفى في عام (1321هـ) ودفن بجوار مسجده الذي بناه فى مدينة سواكن ومنذ ذلك التاريخ أي وفاة زوجها نهضت كريمة الآباء والجدود، بأعباء الدعوة الي الله وإرشاد المريدين فى مناطق البحر الأحمر من اقليم شرق السودان فكانت رضى الله عنها – كفؤاً عظيماً لمهمةٍ عظيمةٍ – يقول الرواه : أن بعلها السيد محمد عثمان تاج السر الميرغني قدس الله سره حضر إليها فى استراحتها (بحي المشيل) فى سواكن فى الليلة السابقة لوفاته ومكثا حتي الصبح فى جلسة مضمونها (الوصايا) العظيمة، وظاهرها الوداع المهيب يقول الرواة بعد انفضاض هذه الجلسة رجعت الشريفة وخلعت عنها كل ما تزّين به النساء من حلي وحلل، لتتهيأ للمهام الجسام التي تطغى على الاهتمامات الصغيرة بمتاع الغرور فكانت رضى الله عنها المثال الشافي للمعاني الكبيرة.
من المعلوم للكافة أن العمر قد تقدم بمولانا الحسيب النسيب السيد علي الميرغني رضي الله عنه دون يرزق بالذرية وقد كان رضي الله عنه يتوق لأن يرزقه المولى الكريم ذرية تصير له قرة عين وتخلفه من بعده فى مهام رعاية وإرشاد المحبين والمريدين ولم يكن مولانا الحسيب النسيب السيد علي الميرغني رضي الله عنه بدعا فى التطلع لتحقيق هذه الأمنية فقد حكي رب العرش سبحانه وتعالى فى كتابه المنزل على نبيه المكرم صلي الله عليه وأله وصحبه وسلم حيث يقول: ( كهيعص ذكر رحمة ربك عبده زكريا ، إذ نادى ربه نداءاً خفياً ربي إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك رب شقياً وإني خفت الموالي من ورائي وكانت إمرأتي عاقراً فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله ربِّ رضياً ) إذاً لم تكن الأمنيات والرغبات والتطلعات التي كانت تجول بخاطر مولانا السيد علي الميرغني رضي الله عنه إلا سنة بشرية عامة وبحكم العلائق بينه وبين عمته الشريفة مريم الميرغنية، كانت تتشاطره نفس الأمنيات تقديراً منها للأمانة التي وضعت عليه لقيادة الأسرة الميرغنية وأهل الطريقة الختمية بل الوطن جميعه فى هذه المرحلة التاريخية الهامة فبذلت الشريفة مريم الميرغنية رضى الله عنها مساعيها الموفقة فى ظاهر الأمر بتهئية الأسباب العادية، وفى باطن الأمر بالتوجه إلى خالقها مبتهلة ملحة مؤقنة بالاستجابة حسنة الظن فى كرم الله جل جلاله, أرسلت أولاً إلى السيد جعفر بن السيد بكرى رضي الله عنه في أرتريا لكي يبعث إليها ابنته السيدة فاطمة حفيدة مولانا السيد محمد عثمان تاج السر من ابنته السيدة زينب رضي الله عن الجميع ثم بعثت برسالة منها مع مندوب لزوجة مولانا السيد علي الميرغني التي كانت فى عصمته يومئذٍ وهي السيدة فاطمة ابنة السيد عبد الله المحجوب تستأذنها قائلة: ( يا ابنتي نتمنى الذرية للسيد علي الميرغني ولذلك نرجو موافقتك ورضائك لكي نعقد قرانه على السيدة فاطمة إبنة السيد جعفر) وبالرغم من إنه ليس من مألوف النساء القبول بالرضا أن تدخل عليها ضرة فقد وافقت السيدة فاطمة إبنة السيد المحجوب بالرضا على طلب الشريفة مريم الميرغنية بدواعي التبجيل والاحترام وبِرّ الإبنة لوالدتها وحرصاً على نيل رضائها وبركاتها رضي الله عنها ثم كانت الخطوة الأخيرة وهي أن تبعث إلى مولانا السيد علي الميرغني رضى الله عنه تطلب منه الحضور إلى سنكات لإتمام مراسم الزواج بين يديها عسى أن يجعل الله في هذه الخطوات البركة ويتم المقصود ولتحقق الأمنيات وجرت الأمور كما هيأت لها الشريفة وتم الزواج الميمون، والذى أثمر فيما بعد الذرية المباركة بين يديها وأمام ساحتها.
لقد انتقلت السيدة العظيمة الشريفة مريم الميرغنية إلى دار البقاء بجوار مولاها الكريم في اليوم الأول من رجب الأصب من 1371هـ الموافق 1952 ، بعد عمر طويل قضته في معارج القرب إلىالله، والدعوة إليه، عامراً بالصالحات من الأعمال، مستمسكة بأهداب الشريعة الغراء وأسباب التقوى، متورعة عن الشبهات، زاهدة في الفانيات، راكعة ساجدة في جوف الليالي الحالكات، مستجيبة لذوي الحاجات، تجبر الخواطر، وتمسح أحزان المساكين، واليتامي والأرامل، تكرم الضيف، وتبذل الندي، وتتصدق سرا وعلانية، تصل الرحم، وتصلح ذات البين، وتتفقد أحوال الجار.
الشريفة والسيد عبد الرحمن المهدي إن إكرام الشريفة مريم الميرغنية رضى الله عنها لأضيافها الذين يقصدون منازلها أمر معلوم ومشهور لأن ذلك من خصال الإيمان، ومن أحق بالاتصاف بها أكثر من الشريفة مريم الميرغنية؟ ولكن إكرامها للأضياف كان يتعدى إلى الذين يفدون إلى المنطقة كلها وإن لم يقصدوا منازلها علي وجه الخصوص، مثلاً كان الإمام السيد عبدالرحمن المهدي رحمه الله يأتي بين وقت وآخر إلى مصيف أركويت للاسترواح، فكانت رضى الله عنها تختفى لمقدمه وتقوم بما يقتضية الواجب نحو مكانته ومقامه وسنرى لاحقاً اهتمام الإمام السيد عبدالرحمن المهدي رحمه الله بأحوالها حينما ذهبت الي مصر للاسشفاء. وحضر مرة بعض الأساتذة والطلبة من كلية غردون – فى منتصف الثلانينات - فى رحلة شملت مدينتى بورتسودان وسواكن ومصيف أركويت، قال الراوي: ( حينما وصلنا أركويت استقبلنا لورياً علي ظهره خرفاناً ومأكولات وصفائحاً من الطحنية والجبنة والسمن ورغيف وكراتين من معلبات الفاكهة، وحينما استفسرنا عن مصدرها، قالوا لنا إنها ضيافتكم من قبل الشريفة مريم الميرغنية ) فلم تكن بيوتها فقط إذا منازلها التي تستوجب ضيافة من يأوي إليها، ولكن المنطقة كلها هي نزلها ويقع فى نطاق مسئولياتها المباشرة إكرام الوافدين إليها من خارجها، فلله درها الكريمة إبنة الكرماء الأكرمين . . . . أخبرني الخليفة محمود جيلاني وهو من أقرباء الشريفة والمقربين إليها ومن المرافقين لها فى رحلتها الي مصر يقول: اعتاد الامام السيد عبدالرحمن المهدي رحمه الله على إرسال برقية صباح كل يوم بصيغه واحدة يقول فيها: ( طمئنونا علي صحة ست السودان ) وذات صباحٍ دخلت مع برقية الإمام السيد عبدالرحمن المهدي برقية من الخليفة عيسى جيلاني يخبر االشريفة بانه قد رزق بمولود ويلتمس منها اختيار الاسم، فقالت من فورها ( سموه عبدالرحمن ) رداً للجميل وتقديرا منها لتكرار سؤاله عن أحوالها، وعبد الرحمن عيسي جيلاني الآن حي يرزق وموجود بمدينة بورتسودان
لقد أظهرت الفترة التي مكثت فيها الشريفة مريم الميرغنية رضي الله عنها للعلاج في المستشفي، المكانة السامية التي تحتلها في قلوب الكافة، فبالاطلاع علي تسجيلات دفتر الزيارة تجد الاهتمام الكبير الذي حظيت به علي جميع المستويات، فمن الناحية الرسمية نجد مندوباً يتردد على المستشفي من الملك فاروق معبراً عن أمنيات الملك بالشفاء العاجل للشريفة، وكذلك مندوبون بإسم مصطفي النحاس باشا، رئيس وزراء مصر حينئذ وغيرهم من المسئولين الأدني رتبة من رؤساء المحليات وضباط الشرطة وغيرهم، وبطبيعة الحال كان علي رأس الزوار المشفقين السادة المراغنة أنجال السيد إسماعيل الميرغني بمصر، فضلاً عن الاهتمام الذي حظيت به من جماهير الشعب المصري الذي كانت تأتي وفوده من أقاصي القري البعيدة، للإطمئنان علي صحتها ولتعبر عن أمنياتها الصادقة بالشفاء العاجل لسيادتها، أما السودانيون المقيمون بمصر من تجار وعمال وطلبة وكذلك الذين وفدوا من السودان خصيصاً لزيارتها والاطمئنان علي صحتها الغالية، لم تكن تنقطع زياراتهم للمستشفي تعبيراً عن أمنياتهم الطيبة ومحبتهم الصادقة، ولم يخلو دفتر الزيارات عن أسماء شخصيات قبطية أو بعض الجنوبين. والذين تعلقت قلوبهم بها ونأت بهم المسافات، ففي إرسالهم آلاف البرقيات عزاءً وتسلية، إن الخريطة الجغرافية التي صدرت عنها البرقيات الواردة تعكس بوضوح مدي محبة الشريفة مريم الميرغنية في قلوب كافة أهل السودان علي امتداد القطر. أما الحكومة المصرية حين لاحظت هذا الحرص الكبير من جماهير المحبين سواء في السودان أو مصر على الاطمئنان على صحتها وأحوالها أصدرت توجيهاً للإذاعة المصرية ببث نبأ عن حالتها الصحية يومياً عقب كل نشرة، وهو أمر لم يحظى به حتي مسئولو الحكومة!!
كانت عودتها مباشرة بعد مغادرتها المستتشفي وعبر، وسيلة السكك الحديدية هذه المرة، فمن وادي حلفا إلي مدينة سنكات حيث منازلها، كانت محطات السكة الحديدية جميعا، علي طول هذا المدى، تزخر بحشود المحبين، رغم زمهرير البرد القارس، إذ كان الوقت شتاءاً، جميعهم يتوقون في شوق طاغ لرؤية طلعتها البهية، ووجهها الصبوح الوضاح، وكم كانت سعادتهم غامرة وهي تطل على حشودهم محييه لهم ومقدرة لتكبديهم المسافة لإستقبالها، تعبيراً عن مشاعرهم الصادقة وأحاسيسهم الطيبة النبيلة، ولم تكن الشريفة رضي الله عنها وهي تلتقي مرة أخرى بأهل القلوب العامرة بالمودة الصادقة والنفوس السمحة الصافية بأقل سعادة منهم، ولكن اسمحوا لنا بوقفة في مدينة عطبرة قبل ان يبارحها (القطار الميمون) لقد كان على صالون الشريفة مريم – رضي الله عنها – الانفصال عن قطار (إكسبريس حلفا) المتجه الي الخرطوم والانتظار في مدينة عطبرة ليلتحق بالقطار القادم من الخرطوم متجها الي مدينة بورتسودان. كانت جماهير المحبين الوفية في مدينة عطبرة وماحولها قد اصطفت في استقبال حاشد مهيب، لم تشهد له مثيلاً من قبل، وعلي رأسها المحب الصادق العمدة سرور السافلاوي يتبختر علي فرسه شاهراً سيفه محيياً ومبشراً، وكان العمدة السافلاوي قد سبق واتفق مع ادارة السكة الحديد لمد قضيب فرعي إلى منازله (بحي الداخلة) ليحظى بشرف استضافة الشريفة، وقد كان له ما أراد، حيث تم عمل مناورة بقطار الركاب وهو أمر غير مألوف لينفصل الصالون قرب منزله في (الداخلة)، تحف به حشود المحبين المتدافقة من كل جانب، وكانت لأغلبهم سانحة تاريخية نادرة، إذ لم يكن أغلبهم قد حصل لهم شرف مشاهدة الشريفة مريم الميرغنية رضي الله عنها وجهاً لوجه وإن سمعوا عنها وعن مناقبها كثيرا.ً لقد أضحى منزل العمدة سرور السافلاوي بالداخلة مركز التقاء تتجمع حوله جموع المحبين في مهرجان فرائحي تختلط فيه ضربات (النحاس) بدقات النوبة، وزغاريد النساء بأهازيج ومدائح الرجال في مشهد فريد عنوانه الفرح ومضمونة المحبة الصادقة. منقول
.
| |
|